الفهرس

المقدّمة

المقدّمة

هذا الكتاب عبارة عن الملفات التي تقدمنا بها إلى القضاء اللبناني المختص، ويتضمَّن وقائع الملفات بمستنداتها وأرقامها ومسارها القضائي، وكذلك اقتراحات القوانين التي تقدَّمنا بها في إطار محاولة سد الثغرات التشريعيَّة التي ينفذ منها الفاسدون.

 

يأتي هذا الكتاب في سياق الخطوات التي اعتمدناها منذ البداية، وهي خطوات متدرّجة ومتكاملة، بدأت بإعداد ملفات الفساد في الأموال العامَّة، وتقديمها إلى القضاء المختص، ومتابعتها وفق الأطر القانونيَّة، وعندما تلكأ هذا القضاء، أو أهمل، أو تعمَّد عدم السير في هذه الملفات إلى النهاية، قمنا بخطوات متلاحقة منها: العمل الرقابي في المجلس النيابي، تقديم شكاوى وفق الأصول على القضاة المقصِّرين إلى التفتيش القضائي، عرض كل ما قمنا به أمام محكمة الرأي العام من خلال وسائل الإعلام المتنوِّعة، وصولًا إلى تقديم جميع الملفات في هذا الكتاب، ليكون الرأي العام على اطلاع على وقائع هذه المعركة المستمرَّة.

لقد واجهنا في عملنا تحدِّيات كثيرة في طليعتها احتماء الفاسدين بتركيبة النظام الطائفي، ووضعُ خطوط حمراء أمام محاسبتهم، كما واجهنا حالة الاهتراء والتسييس في القضاء اللبناني الخاضع بأغلبه إلى التركيبة الطائفيَّة السياسيَّة نفسها التي تمنع المحاسبة، ومع استثناءات محدودة، لم يقم هذا القضاء بمسؤولياته التي ينيطها به الدستور والقوانين المرعية الإجراء، لجهة محاسبة الفاسدين واستعادة الأموال المنهوبة، ما أسهمَ في استمرار تفشي آفة الفساد والهدر. وإلى جانب هذه التحدِّيات والمعوقات، واجهنا حملات التشكيك وأغلبها كان من قبل الفاسدين أنفسهم، عبر أدوات ووسائل مختلفة، بهدف تيئيس اللبنانيين وإحباطهم وجعلهم يستسلمون لمقولة عدم إمكانية إصلاح بلدهم وحفظ أموالهم العامَّة.

إنَّنا على الرغم من كل ما واجهناه خلال هذه المعركة، سنواصل خوضها من داخل مؤسَّسات الدولة، وعبر القانون، ومن خلال الجهة المخوَّلة تطبيقه على الفاسدين، وهي القضاء اللبناني الذي يحتاج بدوره إلى مكافحة كل ظواهر التسييس والارتهان المستشرية داخله، من خلال إصلاحه بالقانون أيضًا. فالطريق الوحيد المتاح لمحاسبة الفاسدين هو الدولة عبر قوانينها النافذة، وكل الطرق الأخرى لا تؤدي إلى تحقيق الهدف المنشود.

ولأنَّ حجم الوثائق والمستندات لا يتّسع له كتاب واحد، فإنَّنا نُرفق مع هذا الكتاب قرصًا مدمجًا يحوي أكثر من ألفي وثيقة عن ملف حسابات الدولة المالية، باعتباره الملف الأكبر والأخطر والأكثر تأثيرًا في وصول لبنان إلى مرحلة الانهيار المالي، ليكون الشعب اللبناني على بينة ممَّا كان يحصل من تلاعب بأمواله، وسرقتها، وعلى دراية بالمسؤوليات المترتّبة على المسؤولين عن هذه الأموال.

حسن فضل الله