الفهرس

الصرف الصحي

الصرف الصحي

الملف عند قاضي التحقيق الأول في بيروت

 

بطاقة ملف

الصرف الصحي

 

وقائع الملف

أنفقت الدولة اللبنانية بين العامين 1992 - 2017 مليارًا و200 مليون دولار على بناء محطات تكرير المياه المبتذلة، وعلى شبكات للصرف الصحي، لكن هذا الإنفاق شابته عيوب كثيرة، لما تكشّف فيه من هدر مال عام من جهة، ووجود خلل بنيوي في هذا القطاع من جهةٍ أخرى.

إنَّ المشكلة الجوهرية في هذا القطاع هي أنه رغم ما أنفقته الدولة من أموال، فإنه لا يزال يفتقد للحد الأدنى من المعايير للتخلص من المياه المبتذلة.

قدم ملف مكافحة الفساد إلى المدعي العام المالي ملفًّا متكاملًا حول الهدر في قطاع الصرف الصحي، يُبَيِّن التالي:

بناء محطات تكرير قبل إنجاز الشبكات لربطها بها، ما يؤدي إلى عدم التمكن من استثمارها بالشكل المطلوب.

بناء محطات تكرير بمواصفات ومعايير غير مطابقة للحاجة.

بناء محطات دون تشغيلها أو الاستفادة منها مطلقًا.

بناء محطات دون وضع آلية سليمة لكيفية التخلص من الحمأة.

 

أوَّلًا: نماذج حول المخالفات

1.  بناء محطات تكرير قبل إنجاز الشبكات:

تجرّ شبكات الصرف الصحي المياه المبتذلة إلى محطة التكرير التي تقوم بعملية التكرير، إلّا أنَّ بعض المحطات تم بناؤها قبل إنجاز الشبكات لوصلها بها.

كلّفت محطة طرابلس لوحدها في مرحلتها الأولى بحدود 100 مليون دولار، وهي تعمل بطاقة 20% والذريعة أنها لم توصل بشبكات الصرف، وهي بحاجة إلى سنوات لانتهاء شبكات المجاري في البترون والكورة، وتكلفة هذه الشبكات بحدود 120 مليون دولار.

إنَّ عدم مزاوجة بناء المحطة مع الشبكات يعني أنها لا تقوم بعملها المطلوب وتحتاج إلى صيانة طيلة المدة الزمينة من دون الفائدة المتوخاة.

 

صورة لمحطة طرابلس

صورة لمحطة طرابلس

 

2.  بناء محطات دون تشغيلها أو الاستفادة منها مطلقًا:

تم بناء مجموعة من المحطات دون وضعها في الخدمة رغم اكتمال أعمال بنائها، وذلك بأعذار وحجج متعددة، منها نقصان اليد العاملة المتخصصة أو التجهيزات، أو الطاقة، ما يُظهِر حجم الإهمال وسوء الإدارة. فمحطة جبيل على سبيل المثال كلفت 6 مليون دولار بقرض فرنسي، أُنجزت عام 2003 وهي مقفلة ولم يتم تشغيلها.

 

يظهر الجدول الصادر عن وزارة الطاقة تكلفة المحطة:

تكلفة المحطة

تُظهر الخانة التالية أنَّ المحطة غير عاملة، بحسب تقرير صادر عن مجلس الإنماء والإعمار:

المحطة غير عاملة

صورة لمحطة جبيل

صورة لمحطة جبيل

 

3.  بناء محطات تكرير بمواصفات ومعايير غير مطابقة للحاجة:

إنَّ واحدة من المشاكل الأساسية التي تعتري هذا القطاع هي سوء الإدارة والتخطيط، فقد كان يتم بناء محطات تكرير دون دراسة الجدوى أو الحاجة، فكان يتم في بعض الأحيان الاكتفاء بمحطات تكرير أولية، يقتصر عملها على فصل المواد الصلبة فقط دون أي عملية تكرير.

كلفت محطة صيدا بحدود 22 مليون دولار وعقد التشغيل السنوي مليون دولار، وهي لا تقوم بمعالجة للمياه المبتذلة.

 

صورة لمحطة صيدا

صورة لمحطة صيدا

 

4.  بناء محطات دون وضع آلية سليمة لكيفية التخلص من الحمأة:

لم يتم الاكتفاء بالنتائج الاقتصادية المترتبة على النهج السائد في إدارة هذا القطاع، بل إنَّ الأمر تعداه إلى إهمال الأثر البيئي الكارثي، فالحمأة المترتبة من عملية التكرير، إنَّ حصلت، يتم رميها في الطبيعة أو في مجاري الأنهار، دون التخلص منها بالطرق العلمية.

يتم رمي الحمأة المستخرجة من محطة تكرير زحلة في جرود بريتال وفي الطبيعة، فيما تذهب المياه الخارجة منها إلى مجرى نهر الليطاني مرورًا بالبلديات، بينما في محطة إيعات تُرحّل الحمأة والرواسب والمياه الخارجة إلى سيل طبيعي باتجاه الشمال.

 

صورة تُظهر مصير المياه الخارجة من محطة إيعات

محطة إيعات

 

صور تُظهر واقع محطة زحلة

محطة زحلة

 

محطة زحلة

ثانيًا: في الهدر المالي

-    استدانت الدولة 500 مليون دولار لهذا القطاع، يضاف إليها الفوائد السنوية، دون انعكاس ذلك إيجابًا على القطاع.

-    تم صرف حوالي 334 مليون دولار لإنشاء محطات تكرير دون استثمارها.

-    أقر تقرير رسمي صادر عن وزارة الطاقة عام 2012 أنَّ الدولة صرفت مليار دولار على هذا القطاع ولم تتم الاستفادة إلّا بنسبة 8%.

 

ثالثًا: في القانون

تدل الوقائع التي تم عرضها على ارتكاب جرائم تمس المال العام، وفي طليعتها «الجرائم الواقعة على الإدارة العامة» التي نص عليها قانون العقوبات اللبناني في الفصل الأول من الباب الثالث كصرف النفوذ واستثمار الوظيفة وإساءة استعمال السلطة والإخلال بواجبات الوظيفة.

 

يبيِّن الجدول التالي نوع الجرم، والنتيجة التي أدى إليها فضلًا عن الجهة المسؤولة:

 

الإجراءات التي تمت

الاطلاع على التقارير المرتبطة بالموضوع الصادرة عن الجهات الرسمية (مجلس الإنماء والإعمار، وزارة الطاقة..).

عقد لقاءات متعددة في اللجان النيابية وخارجها مع الجهات المعنية بهذا القطاع.

إجراء معاينة ميدانية لمحطات تكرير متعددة في مختلف المناطق اللبنانية.

 الادعاء في القضية لدى المدعي العام المالي وتسليمه مستندات القضية.

 إثارة القضية في الإعلام.

مسار القضية في القضاء

ادعاء المدعي العام المالي في أيلول 2020 على مجلس الإنماء والإعمار وعدد من الشركات، وقد قدَّر المبلغ المهدور بحدود مليار دولار أميركي، وتم تحويل الملف إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت.

حددت الخبيرة الفنية التي عينتها النيابة العامة التمييزية مكامن الخلل فأشارت إلى أنَّ تنفيذ أشغال شبكات الصرف الصحي يحتاج إلى ما لا يقل عن 10 إلى 15 سنة لإنهائها ووصلها بمحطات التكرير، ما يعني استمرار نفقات الصيانة طوال هذه المدة، دون معرفة ما إذا كانت ستبقى صلاحية تلك المعدات بحالة جيدة بعد 15 سنة.

ادعى المدعي العام المالي بتاريخ 2020/09/24 أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت على 6 أفراد من بينهم رئيس مجلس إدارة الإنماء والإعمار، و5 شركات متعهدة بجرم اختلاس الأموال العمومية والإخلال بالواجبات الوظيفية والتدخل بها وإفساد مناقصات الأعمال العمومية والتهرب من تسديد الضرائب والرسوم.

نص الادعاء:

نص الادعاء

 

لاحقًا تم تعديل قرار الادعاء دون توضيح الأسباب، بحيث تم إلغاء الادعاء على شخص رئيس مجلس الإنماء والإعمار واستبداله بالادعاء على مجلس الإنماء والإعمار نفسه ممثَّلًا بشخص رئيسه، كما قام بإلغاء الادعاء على ثلاث شركات كان قد ادعى عليها سابقًا. وقد ترك الباقي دون تعديل.

 تعديل قرار الادعاء

بعد ذلك، بتاريخ 2020/10/20 أرسل المدعي العام المالي ورقة طلب إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت يفيده أنَّ استكمال أعمال الشبكات إضافة إلى الأموال التي أهدرها مجلس الإنماء والإعمار في كلفة المحطات يحتاج إلى 3 مليار دولار، ما يعني أنَّ كلفة الصرف الصحي للشخص الواحد هي 586.71 دولارًا أميركيًا، في حين أنها محددة بمبلغ 98.16 دولارًا أميركيًا.

كما أفاد أنَّ مجلس الإنماء والإعمار ارتكب مخالفة كبيرة أخرى حين قام بعقد عقود صيانة لمحطات لا تزال دون استلام نهائي.